فصل: (فرع: نقاء المعتادة غير المميزة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي



.[فرع: الخلط بجزء من يوم]

وإن قالت: كنت أحيض خمسة عشر يومًا من الشهر، وكنت أخلط أحد النصفين بالآخر بجزء، ولا أدري: هل كان الجزء من النصف الأول، أو من الثاني؟ ولا أخلط بأكثر من ذلك.. فيحتمل أن يكون الجزء من النصف الأخير، فيكون ابتداء الحيض بعد مضي جزء من الليلة التي يرى فيها الهلال من أول الشهر، وآخره بعد مضي جزء من النصف الأخير: وهو بعد غروب الشمس من اليوم الخامس عشر.
ويحتمل أن يكون الجزء من النصف الأول، فيكون ابتداء الحيض قبل غروب الشمس من اليوم الخامس عشر، وآخره إذا بقي جزء من يوم الثلاثين، قبل غروب الشمس.
إذا ثبت هذا فإنها في جزء من أول الشهر: وهو بعد غروب الشمس من الليلة التي يرى فيها الهلال، وفي جزء من آخر الشهر: وهو قبل غروب الشمس يوم الثلاثين في طهر بيقين.
ويحصل لها الحيض بيقين في جزء من آخر اليوم الخامس عشر: وهو قبل غروب الشمس، وفي جزء من أول ليلة السادس عشر. ولا يفوتها في هذين الجزءين صلاة إلا أن صوم يوم الخامس عشر يبطل، ولا يجب عليها الغسل إلا بعد جزء من أول ليلة السادس عشر، وإذا بقي جزء من آخر الشهر. وتتوضأ في غير ذلك لكل صلاة.
فإن كانت بحالها وقالت: لا أدري هل كنت أخلط بجزء أو بأكثر منه؟
فالحكم في هذه كالحكم في التي قبلها إلا في الغسل، فإنه يلزمها أن تغتسل لكل صلاة، بعد مضي جزء من ليلة السادس عشر إلى أن يبقى جزء من الشهر؛ لجواز أن يكون الخلط بأكثر من جزء.

.[فرع: من أحكامها خلط يوم وكسر]

وإن قالت: كنت أحيض خمسة عشر يومًا من الشهر، وأكسر في أول حيضي بنصف يوم، وأخلط أحد النصفين بالآخر بيوم من الشهر.. فإنها تكون طاهرا في اليوم الأول من الشهر، وفي نصف اليوم الثاني من الشهر. وتكون حائضًا من نصف اليوم الثاني من الشهر إلى آخر السادس عشر، فيكون حيضها أربعة عشر يومًا ونصفًا. ويكون باقي شهرها طهرًا بيقين.
وإن قالت: كنت أحيض خمسة عشر يومًا، وأكسر في آخر حيضي بنصف يوم، وأخلط أحد النصفين بالآخر بيوم، ولا أخلط بأكثر منه.. فإنها تكون طاهرًا من أول الشهر إلى آخر الرابع عشر. ويكون ابتداء حيضها من أول الخامس عشر إلى نصف اليوم التاسع والعشرين. وباقيه واليوم الأخير طهر بيقين؛ لأنها قد أخبرت: أنها تخلط بيوم، وأن الكسر في آخر حيضها. فيكون حيضها أربعة عشر يوما ونصفًا؛ لأنه لا يحتمل غير ذلك.
وإن قالت: كنت أحيض خمسة عشر يومًا، وأكسر في أول حيضي بنصف يوم،
وفي آخره بنصف يوم، وأخلط أحد النصفين بالآخر بيوم، ولا أخلط بأكثر منه.. فهذه مستحيلة؛ لأنه إن كان اليوم الذي يقع به الخلط من النصف الأول.. فأول حيضها يكون من الخامس عشر، فلا يحصل في ابتداء حيضها كسر بنصف يوم.
وإن كان من النصف الثاني.. فآخر حيضها يكون السادس عشر، فلا يكون في آخر حيضها كسر بنصف يوم.

.[فرع: من صور الشك تخلط بين الخمسين الأول]

وإن قالت: كان حيضي خمسة أيام من العشر الأولى: ثلاثًا من إحدى الخمسين، ويومين من الخمس الأخرى، ولا أدري: هل الثلاث من الخمس الأولى، واليومان من الخمس الثانية. أو اليومان من الخمس الأولى، والثلاث من الخمس الثانية؟ فيحتمل أن تكون الثلاث من الخمس الأولى، فيكون ابتداء حيضها من اليوم الثالث، وآخره السابع. ويحتمل أن تكون الثلاث من الخمس الثانية، واليومان من الخمس الأولى، فيكون ابتداء حيضها من الرابع، وآخره الثامن.
فاليومان الأولان من الشهر طهر بيقين. والثالث طهر مشكوك فيه، لا يحتمل انقطاع الدم فيه، فتتوضأ فيه لكل صلاة. ومن الرابع إلى آخر السابع حيض بيقين، فتغتسل في آخر السابع؛ لجواز أن تكون الثلاث من الخمس الأولى.. فيكون هذا وقت انقطاع الدم. واليوم الثامن طهر مشكوك فيه فتتوضأ فيه لكل صلاة، وتغتسل في آخره؛ لجواز أن تكون الثلاث من الخمس الثانية.. فيكون هذا وقت انقطاع الحيض. ومن التاسع إلى آخر الشهر في طهر بيقين.
وإن قالت: كنت أحيض خمسة أيام من العشرة الأولى، وكنت أخلط أحد الخمسين بالأخرى بجزء، ولا أخلط بأكثر من ذلك، ولا أدري من أي الخمسين كان الجزء؟
فإنها في طهر بيقين بجزء من أول الخمس الأولى، وهو: لحظة بعد غروب الشمس من الليلة التي يرى فيها الهلال.
وكذلك هي في طهر بيقين بجزء من آخر الخمس الثانية، وهي لحظة قبل غروب الشمس من اليوم العاشر.
وتحصل في طهر مشكوك فيه بعد اللحظة الأولى من العشر؛ لأنه لا يحتمل أن ينقطع فيه الدم، فتتوضأ فيه لكل صلاة إلى أن تبقى لحظة من الخمس الأولى، وهي: قبل غروب الشمس من اليوم الخامس. فتكون في تلك اللحظة مع لحظة تليها من أول الخمس الأخيرة ـ وهي: بعد غروب الشمس من ليلة السادس ـ في حيض بيقين، وتغتسل عقيب تلك اللحظة من ليلة السادس؛ لاحتمال انقطاع الدم فيه. ولا يفوتها في هاتين اللحظتين صلاة، ولكن يبطل صوم اليوم الخامس. ثم تتوضأ لكل صلاة إلى أن تدخل في اللحظة التي في آخر العشر، فتغتسل أيضا؛ لاحتمال انقطاع الدم فيها.

.[فرع: في اختلاط الحيض]

وإن قالت: كنت أحيض خمسة أيام في الشهر، وأخلط إحدى الخمسين بالتي بعدها بثلاثة أيام من إحدى الخمسين، ويومين من الخمس الأخرى، ولا أدري: هل الثلاث من الخمس الأولى، واليومان من الخمس التي بعدها؟ أو اليومان من الخمس الأولى، والثلاث من الخمس التي بعدها؟ ثم لا أدري ـ مع ذلك ـ في أي الخمسات وقع الخلط: هل في الخمس الأولى مع الثانية، أو في الثانية مع الثالثة، أو في الثالثة مع الرابعة، أو في الرابعة مع الخامسة، أو في الخامسة مع السادسة؟
فإنه ليس لها حيض بيقين في الشهر. ولكن لها اليومان الأولان من الشهر، والآخران منه طهر بيقين. وباقي شهرها طهر مشكوك فيه:
فمن الثالث إلى السابع تتوضأ لكل صلاة؛ لأنه لا يحتمل أن ينقطع الدم في شيء من ذلك. وتغتسل في آخر السابع؛ لجواز أن تكون الثلاث من الخمس الأولى، واليومان من الخمس الثانية. ثم تغتسل في آخر الثامن؛ لجواز أن يكون اليومان من الأولى، والثلاث من الثانية.
ومن التاسع إلى الثاني عشر تتوضأ لكل صلاة؛ لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه وتغتسل في آخر الثاني عشر؛ لجواز أن يكون الخلط في الخمس الثانية مع الثالثة، وتكون الثلاث من الثانية، واليومان من الثالثة. ثم تغتسل أيضا في آخر الثالث عشر؛ لجواز أن يكون اليومان من الخمس الثانية، والثلاث من الخمس الثالثة.
وتتوضأ لكل صلاة من الرابع عشر إلى السابع عشر؛ لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه. ثم تغتسل في آخر السابع عشر؛ لجواز أن يكون الخلط في الخمس الثالثة والرابعة، وتكون الثلاث من الثالثة، واليومان من الرابعة. ثم تغتسل في آخر الثامن عشر؛ لجواز أن يكون اليومان من الثالثة، والثلاث من الرابعة.
ثم تتوضأ لكل صلاة من التاسع عشر إلى الثاني والعشرين؛ لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه. وتغتسل في آخر الثاني والعشرين؛ لجواز أن يكون الخلط في الرابعة والخامسة، وتكون الثلاث من الرابعة، واليومان من الخامسة، فيكون هذا وقت انقطاع الدم فيها. ثم تغتسل أيضا في آخر الثالث والعشرين؛ لجواز أن يكون اليومان من الرابعة، والثلاث من الخامسة.
ثم تتوضأ لكل صلاة من الرابع والعشرين إلى السابع والعشرين؛ لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه. وتغتسل في آخر السابع والعشرين؛ لجواز أن يكون الخلط في الخامسة والسادسة، وتكون الثلاث من الخامسة، واليومان من السادسة. ثم تغتسل أيضًا في آخر الثامن والعشرين؛ لجواز أن يكون اليومان من الخامسة، والثلاث من السادسة، فيكون هذا وقت انقطاع الدم. فيلزمها في هذا الشهر عشرة اغتسالات في المواضع التي ذكرنا ويلزمها الوضوء لكل صلاة في غير ذلك.

.[فرع: خلط جزء من نهارين]

فروع ثلاثة: في خلط جزء من نهاري نفرعها ابن بنت الشافعي، وهو أحمد بن محمد:
الأول: إذا قالت: كنت أحيض خمسة أيام من العشرة الأولى، وكنت أخلط نهار إحدى الخمسين بنهار الخمس الأخرى بجزء، ولا أخلط بأكثر، ولا أدري: من أي الخمسين كان الجزء؟
فإن كان الجزء من نهار الخمس الثانية.. فإن أول حيضها بعد مضي جزء من نهار اليوم الأول من الشهر، وآخره إذا مضى جزء من نهار يوم السادس. وإن كان الجزء من نهار الخمس الأولى: فإن أول حيضها قبل غروب الشمس من اليوم الخامس بجزء إلى قبل غروب الشمس من اليوم العاشر.
فعلى هذا التنزيل: هي من الليلة الأولى، وفي جزء من نهار اليوم الأول من الشهر في طهر بيقين، ثم تحصل في طهر مشكوك فيه، لا يحتمل أن ينقطع فيه الدم، فتتوضأ فيه لكل صلاة، إلى أن يبقى من اليوم الخامس جزء قبل غروب الشمس. فيحصل في ذلك الجزء في ليلة السادس، وفي جزء من أول اليوم السادس في حيض بيقين، ويجب عليها أن تغتسل بعد ذلك الجزء من اليوم السادس؛ لجواز أن يكون ذلك في وقت انقطاع حيضها. ولا يسقط عنها في هذين الجزأين من النهارين صلاة، ولكن لا تجب عليها صلاة المغرب والعشاء ليلة السادس ولم يذكر الصوم. والذي يقتضي المذهب: أنه يفسد عليها يوم الخامس والسادس ـ ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة؛ لأنه طهر مشكوك فيه، لا يحتمل انقطاع الدم فيه، إلى أن يبقى من اليوم العاشر جزء.. فيجب عليها أن تغتسل؛ لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه.
الفرع الثاني: إذا قالت: كان حيضي يومين من العشر الأولى، لا أعلم موضعها، ولكني كنت أخلط نهار إحدى الخمسين بالأخرى بجزء، ولا أخلط بأكثر منه، ولا أدري: من أين كان الجزء؟
فيحتمل أن يكون الجزء من نهار الخمس الثانية.. فيكون ابتداء حيضها بعد مضي جزء من اليوم الرابع، وآخره إذا مضى جزء من اليوم السادس. وإن كان الجزء من الخمس الأولى.. كان ابتداء حيضها إذا بقي جزء من اليوم الخامس قبل غروب الشمس، وآخره إذا بقي جزء من اليوم السابع، وهو قبل غروب الشمس.
فهي من أول الشهر إلى أن يمضي جزء من اليوم الرابع في طهر بيقين. ثم تدخل في طهر مشكوك فيه، لا يحتمل انقطاع الدم فيه، فتتوضأ فيه لكل صلاة إلى أن يبقى جزء من اليوم الخامس.
ثم تحصل في ذلك الجزء في ليلة السادس، وفي جزء من أول اليوم السادس في حيض بيقين، ولا تفوتها إلا صلاة المغرب والعشاء ـ ولم يذكر الصوم، والذي يقتضي المذهب: أن صوم يوم الخامس والسادس يبطل ـ ثم يجب عليها أن تغتسل إذا مضى جزء من أول اليوم السادس؛ لجواز أن ينقطع فيه دمها. وتحصل في طهر مشكوك فيه لا يحتمل انقطاع الدم فيه، فتتوضأ فيه لكل صلاة، إلى أن يبقى جزء من السابع فتغتسل فيه؛ لجواز انقطاع الدم فيه. وبعد ذلك تحصل في طهر بيقين إلى آخر الشهر.
الفرع الثالث: إذا قالت: كنت أحيض يومًا من العشر الأولى، وكنت أخلط نهار إحدى الخمسين بنهار الخمس الأخرى بجزء، ولا أخلط بأكثر منه، ولا أدري: من أين كان الجزء؟ فإن كان الجزء من نهار الخمس الثانية.. فأول حيضها إذا مضى جزء من أول اليوم الخامس، وآخره بعد مضي جزء من اليوم السادس. وإن كان الجزء من الخمسة الأولى.. فأول حيضها إذا بقي جزء من اليوم الخامس قبل غروب الشمس، وآخره إذا بقي جزء من اليوم السادس قبل غروب الشمس.
فهي من أول الشهر إلى أن يمضي جزء من اليوم الخامس بعد طلوع الفجر في طهر بيقين.
ثم تحصل في طهر مشكوك فيه، لا يحتمل انقطاع الدم فيه إلى أن يبقى جزء من اليوم الخامس. فتحصل في ذلك الجزء في ليلة السادس، وفي جزء من أول اليوم السادس في حيض بيقين، فتغتسل عقيب ذلك الجزء؛ لجواز انقطاع دمها فيه. ولا تفوتها إلا صلاة المغرب والعشاء ليلة السادس ـ والذي يقتضي المذهب: أن يبطل صوم اليوم الخامس، والسادس ـ ثم تحصل في طهر مشكوك فيه، لا يحتمل انقطاع الدم فيه إلى أن يبقى جزء من اليوم السادس، فيجب عليها الغسل فيه أيضًا؛ لجواز انقطاع الدم فيه. وتحصل في طهر بيقين إلى آخر الشهر.

.[مسألة: بيان حكم النقاء]

وإن رأت يومًا دمًا، ويوما نقاء.. فقد تقدم ذكر الحكم في يوم النقاء في العبادات والمباحات، إذا لم يجاوز ما رأت من ذلك على خمسة عشر يوما.
فأما إذا جاوز ذلك خمسة عشر يومًا.. فالمنصوص ـ في كتاب (الحيض) ـ: (أن هذه مستحاضة، اختلط حيضها بالاستحاضة).
وقال ابن بنت الشافعي: الطهر في اليوم السادس عشر يفصل بين الحيض والاستحاضة. وفي النقاء الذي وجد في مدة الخمسة عشر القولان في التلفيق.
قال أصحابنا: وهذا خطأ مذهبا وحجاجا:
أما المذهب: فلأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - نص على ما ذكرناه.
وأما الحجاج: فلأن الطهر لو كان يفصل في اليوم السادس عشر.. لفصل في الخمسة عشر كالمميزة.
إذا ثبت هذا: فلا يخلو إما أن تكون مميزة، أو معتادة، أو مبتدأة.
فإن كانت مميزة، بأن ترى يومًا وليلة دمًا أسود، ويومًا وليلة طهرًا إلى اليوم التاسع، ثم رأت اليوم العاشر طهرًا، ثم رأت الحادي عشر دما أحمر، ثم رأت يوما وليلة طهرًا إلى أن عبر الخمسة عشر.. فإن الدم الأسود الذي رأته في اليوم الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع حيض. وفيما بين ذلك من النقاء القولان في التلفيق. والدم الأحمر الذي رأته بعد الأسود استحاضة.
وإن كانت معتادة غير مميزة، بأن رأت يومًا وليلة دمًا، ويومًا وليلة طهرًا، والدم على صفة واحدة إلى أن جاوز الخمسة عشر، وقالت: كانت عادتي خمسة أيام.
فإن قلنا: لا يلفق الدم إلى الدم.. كانت الخمسة كلها حيضًا، وما زاد عليها من الدم استحاضة.
وإن قلنا: يلفق لها.. فمن أين يلفق؟
حكى الشيخ أبو حامد فيه قولين، وحكاهما القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو إسحاق وجهين:
أحدهما: يلفق لها من أيام عادتها فحسب؛ لأن النقاء من أيام العادة، وإنما انقطع دمها فيه، فنقص من عادتها.
فعلى هذا: يكون حيضها ثلاثة أيام، ونقص من عادتها يومان.
والثاني: يلفق لها من مدة الخمسة عشر؛ لأن عادتها تفرقت فيها.
فعلى هذا: يلفق لها خمسة أيام من تسعة أيام.
وإن قالت: كانت عادتي ستة أيام:
فإن قلنا: لا يلفق لها.. كان حيضها هاهنا خمسة أيام، ونقص من عادتها يوم؛ لأن يوم السادس نقاء، والنقاء إنما يجعل حيضا على هذا القول، إذا كان واقعا بين دمي حيض.
وإن قلنا: يلفق لها من أيام عادتها.. كان حيضها ثلاثة أيام لا غير.
وإن قلنا: يلفق لها من عدة الخمسة عشر.. لفقنا لها بستة أيام من أحد عشر يومًا.
وإن كانت عادتها سبعة أيام، فإن قلنا: لا يلفق لها.. كانت السبع كلها حيضًا، ولا ينقص من عادتها هاهنا شيء؛ لأن الدم في اليوم السابع، فيمكن استيفاء عادتها.
وإن قلنا: يلفق لها، فإن قلنا: يلفق لها من أيام العادة.. كان حيضها هاهنا أربعة أيام، ونقص ثلاث من عادتها.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. لفقنا لها سبعة أيام من ثلاثة عشر يومًا.
وإن كانت عادتها ثمانية أيام، فإن قلنا: لا يلفق لها.. كان حيضها سبعة أيام ونقص عليها يوم.
وإن قلنا: يلفق لها، فإن قلنا: يلفق من أيام العادة.. كان حيضها أربعة أيام.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. لفقنا لها ثمانية أيام من خمسة عشر يومًا.
وإن كانت عادتها تسعة أيام، فإن قلنا: لا يلفق.. كان حيضها تسعة أيام، من غير نقص.
وإن قلنا: يلفق لها من أيام العادة.. لفقنا لها من التسع خمسة أيام، ونقصت عادتها أربعا.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. لفقنا لها من الخمسة عشر ثمانية أيام، ونقصت عادتها يوما؛ لأنه لا يمكن التلفيق مما زاد عليها.
وإن كانت مبتداة غير مميزة ولا معتادة، فإن قلنا: إنها ترد إلى يوم وليلة.. كان حيضها يومًا وليلة من أول ما رأت.
وإن قلنا: ترد إلى ست أو سبع.. كانت كمن عادتها ست أو سبع، وقد مضى.

.[فرع: نقاء المبتدأة غير المميزة]

إذا رأت ثلاثة أيام دمًا، واثني عشر يومًا نقاء، ثم رأت ثلاثة أيام دمًا.. فالأول حيض، والثاني دم فساد؛ لأنه لا يمكن تلفيقه إلى الأول؛ لأنه خارج عن الخمسة عشر. ولا يمكن أن يجعل حيضًا آخر؛ لأنه ليس بينهما طهر كامل.
فإن رأت يوما بلا ليلة دمًا، وأربعة عشر يومًا طهرًا، وثلاثة أيام دمًا.. فالدم الثاني حيض. والأول دم فساد؛ لأنه لا يمكن ضم الأول إلى الثاني؛ لأنه وجد بعد الخمسة عشر، فاعتبر كل واحد منهما بنفسه. والثاني يمكن أن يكون حيضًا بنفسه. والأول لا يمكن أن يكون حيضًا بنفسه.
وإن رأت يومًا بلا ليلة دمًا، وأربعة عشر يوما طهرًا، وربما بلا ليلة دمًا.. فاليومان دم فساد على القولين؛ لأنا:
إن قلنا: لا يلفق.. فلا يمكن أن يضم الدم في اليوم الأول إلى الدم في اليوم السادس عشر.
وإن قلنا: يلفق.. لم يمكن؛ لأن الدم في اليوم وجد بعد الخمسة عشر، فلم يمكن ضمه إلى الأول.
وإن رأت يومًا دمًا، وثلاثة عشر يومًا طهرًا، وثلاثة أيام دمًا.. فقد رأت في الخمسة عشر يومين دمًا.
فإن قلنا لا يلفق.. جعلنا الدم الثاني حيضًا، والأول دم فساد؛ لأنه لا يمكن أن يضم الثاني إلى الأول ويجعلا مع ما بينهما حيضا ً لأنه يزيد على خمسة عشر فأسقطنا الأول.
وإن قلنا: يلفق من وقت العادة فحسب.. فهذه مبتدأة لا عادة لها.
وإلى ماذا ترد المبتدأة؟ على قولين:
أحدهما: ترد إلى يوم وليلة. والثاني: إلى ست أو سبع.
وما وجد في هذين الوقتين إلا يوم لا يمكن أن يكون حيضًا بنفسه، فحكم بأنه دم فساد، والثاني بأنه حيض.
وإن قلنا: يلفق لها من مدة الخمسة عشر، فإن قلنا: إن المبتدأة ترد إلى يوم وليلة.. حيضناها اليوم الأول، ومن اليوم الخامس عشر بمقدار ليلة.
وإن قلنا: ترد إلى ست أو سبع.. حيضناها اليوم الأول، والخامس عشر بكماله.

.[فرع: نقاء المعتادة غير المميزة]

إذا كانت عادتها أن تحيض خمسة أيام من أول كل شهر، فلما كان بعض الشهور رأت اليوم الأول من الشهر طهرًا، ثم رأت من اليوم الثاني يوما وليلة دمًا، ويوما وليلة طهرًا، إلى أن عبر الخمسة عشر.
فإن قلنا: يلفَقُ لها من زمان العادة لا غير.. كان لها يومان حيضًا، وهما الثاني والرابع لا غير.
وإن قلنا: يلفَقُ لها من مدة الخمسة عشر.. لفقنا لها خمسًا، أوَلها الثاني، وآخرها العاشر.
وإن قلنا: لا يلفق لها.. قال أبو العباس: فهل الاعتبار بزمان العادة، أو بعددها؟ فيه قولان ـ يعني: وجهين:
أحدهما: أن الاعتبار بزمان العادة؛ لأنه اعتبر عددها، فوجب اعتبار زمانها.
فعلى هذا: يكون حيضها ثلاثة أيام، وهي: الثاني، والثالث، والرابع لا غير.
وأما الأول والخامس: فطهر. وما بعد الخامس من الدم استحاضة.
والوجه الثاني: أن الاعتبار بعد العادة دون زمانها؛ لأن الحيض انتقل، بدليل: أن الطهر وجد في أول زمان العادة. فيكون حيضها خمسة أيام، أولها الثاني من الشهر، وآخرها السادس.
ولو كانت بحالها، فحاضت قبل عادتها يومًا، وطهرت اليوم الأول من الشهر، ثمَ رأت يومًا دمًا، ويوما طهرًا إلى أن عبر الخمسة عشر:
فإن قلنا: إنه يلفق لها، وقلنا: يلفق لها من زمان العادة لا غير.. فليس لها في زمان العادة إلا يومان: الثاني، والرابع، فيكون ذلك حيضها.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. قال أبو العباس: احتمل أن يكون أول الحيض اليوم الذي سبق العادة، واحتمل أن يكون أوله الثاني من الشهر. والأول أظهر؛ لأنه دم وجد في زمان الإمكان:
فإن قلنا: أوله اليوم الذي سبق العادة.. لفقنا لها خمسًا، آخرها الثامن من الشهر.
وإن قلنا: أوله الثاني من الشهر.. لفقنا لها خمسًا، آخرها العاشر من الشهر.
وإذا قلنا: لا يلفق، فإن قلنا: إن الاعتبار بزمان العادة.. حيَضناها ثلاثًا من الشهر، وهي، الثاني، والثالث، والرابع.
وإن قلنا: الاعتبار بعدد أيام العادة.. حيَضناها خمسا، أولها اليوم الذي سبق العادة، وآخرها الرابع من الشهر.

.[فرع: التلفيق للمعتادة غير المميزة في أيام الحيض]

قال أبو العباس: إذا كانت عادتها أن تحيض خمسة أيام من أول كل شهر، فلما كان في بعض الشهور رأت أربعة أيام من أول الشهر دمًا، وخمسة أيام طهرًا، ويومًا دمًا:
فإن قلنا: لا تلفق.. كانت العشرة كلها حيضًا.
وإن قلنا: تلفق.. حيضناها خمسة أيام وهي: الأربعة الأولى، واليوم العاشر.
فإن كانت بحالها، فرأت من أول الشهر يومًا دمًا، وسبعة أيام طهرًا، ويومين دمًا:
فإن قلنا: لا تلفق.. حيضناها العشر كلها، فتزيد عادتها خمسة أيامٍ.
وإن قلنا: تلفق.. حيضناها ثلاثة أيام فنقصت عادتها.

.[فرع: رؤية الدم نصف يوم]

وإن رأت نصف يومٍ دمًا، ونصف يوم نقاءً، فإن لم يجاوز الخمسة عشر.. فاختلف أصحابنا فيه:
فذهب أبو العباس، وأبو إسحاق، وعامة أصحابنا إلى أنها على القولين في التلفيق:
فإن قلنا: لا يلفق.. كان لها أربعة عشر يوما، ونصف يوم حيضًا.
وإن قلنا: يلفق.. كان حيضها سبعة أيام ونصفًا.
وقال بعض أصحابنا: هي مستحاضة إلا أن يتقدم لها أقل الحيض متصلاً.
وقال بعضهم: هي مستحاضة إلا أن يتقدم لها أقل الحيض متصلاً، وينعقب لها أقل الحيض متصلاً. والأول أصح.
قال أبو العباس: وهل يلزمها الاغتسال عندما ترى الطهر؟
إن قلنا: لا يلفق لها.. لم يلزمها الاغتسال؛ لأن الدم إن عاد.. فالنقاء حيض، وإن لم يعد.. فالنصف الأول دم فسادٍ، فلا يجب الغسل بانقطاعه؛ لأنه أقل من أقل الحيض.
وإن قلنا: يلفق.. وجب عليها الاغتسال؛ لأن الدم إن عاد.. كان انتقالاً من بعض الحيض إلى بعض الطهر، فوجب الاغتسال، كما إذا انتقلت من جميع الحيض إلى بعض الطهر.
قال ابن الصباغ: وعندي أنه لا يجب عليها الاغتسال على هذا القول أيضا؛ لأن الدم لم يحكم بكونه حيضا، ولا يعلم معاودة الدم، والظاهر بقاء الطهر، كما إذا كان الدم يومًا وليلةً.. فإنه يلزمها الاغتسال إذا رأت الطهر، ويأتيها زوجها؛ لأن الظاهر بقاؤه، وإنما يتصور ما ذكره في اليوم الثاني، وما بعده.
وإن رأت نصف يوما دمًا، ونصف يوم نقاءً، وجاوز الخمسة عشر.. فقد اختلط حيضها بالاستحاضة، فترد إلى التمييز إن كانت مميزة، بأن ترى نصف يوم دمًا أسود، ونصف يوم نقاء، ثم ترى في اليوم الثاني نصف يوم دما أسود، ونصف يوم نقاء، ثم كذلك في الثالث والرابع، ثم ترى في اليوم الخامس نصف يوم دمًا أحمر، ونصف يومٍ نقاء، ثم كذلك إلى أن عبر الخمسة عشر يومًا.. فإن حيضها: هو الأسود. وفيما بينه من النقاء القولان في التلفيق. وإن كانت معتادة، بأن كانت عادتها خمسة أيام من الشهر، فرأت في بعض الشهور نصف يوم دمًا، ونصف يوم نقاء إلى أن جاوزت الخمسة عشر، والدم بصفة واحدة:
فإن قلنا: لا يلفق.. كان حيضها أربعة أيام ونصف يوم ونقص من عادتها نصف يوم.
وإن قلنا: يلفق لها من أيام العادة.. كان حيضها يومين ونصفًا، ونقص يومان ونصف.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. لفقت الخمس لها من عشرة أيام.
وإن كانت مبتدئة، فإن قلنا: ترد إلى ست أو سبعٍ.. كانت كمن عادتها ست أو سبعٌ.
وإن قلنا: تردُ إلى يوم وليلة، فإن قلنا: لا يلفق، أو قلنا: يلفق من أيام العادة لا غير.. فلا حيض لها؛ لأنه لا يحصل لها أقل الحيض من ذلك.
وإن قلنا: يلفق لها من الخمسة عشر.. لفق لها يوم وليلة من أربعة أيام.